قوة الدماغ البشري مقابل الذكاء الاصطناعي: مقارنة

يُعتبر الدماغ البشري غالبًا أكثر أنظمة الحوسبة قوة وتعقيدًا معروفًا للبشر. على مر العصور، سعى العلماء لفهم إمكانياته الواسعة، ومؤخراً أثار صعود الذكاء الاصطناعي (AI) تساؤلات حول ما إذا كانت الآلات يمكن أن تقارن يومًا ما بالذكاء البشري.

الدماغ البشري: معجزة من التعقيد

يتكون الدماغ البشري من حوالي 86 مليار خلية عصبية. كل واحدة من هذه الخلايا العصبية مرتبطة بآلاف الخلايا العصبية الأخرى، مما يخلق شبكة هائلة من أكثر من 100 تريليون مشبك عصبي. هذه الشبكة المعقدة تسمح بمعالجة متطورة للغاية، مما يمكّن البشر من أداء مجموعة استثنائية من المهام، من الوظائف الحركية الأساسية إلى القدرات المعرفية المتقدمة مثل حل المشكلات والإبداع والعاطفة.

تتيح عظمة اتصالات الدماغ إجراء عمليات معقدة، مثل معالجة اللغة والتفكير المجرد واسترجاع الذاكرة. بالمقارنة، لا تزال أنظمة الذكاء الاصطناعي - على الرغم من تقدمها السريع - تكافح لتكرار هذه القدرات المعرفية العامة على نطاق الدماغ البشري.

قدرة المعالجة في الدماغ: السرعة، السعة، والذاكرة العشوائية

عندما نتحدث عن قدرة المعالجة، يعمل الدماغ بطريقة متوازية بشكل كبير، مما يعني أن العديد من المهام تُنفذ في نفس الوقت عبر مليارات الخلايا العصبية. هذا النهج يختلف عن الحواسيب التقليدية و supercomputers التي تنفذ المهام بطريقة خطية أكثر.

1. سرعة المعالجة والسعة

  • يمكن للدماغ معالجة 10^16 بت من المعلومات في الثانية، وهو ما يعادل تقريبًا 1 كوادريليون بت في الثانية. لتوضيح الأمر، تعمل الحواسيب الحديثة بسرعة أقل بكثير، حيث تحقق أقوى supercomputers سرعات في نطاق petaflops.
  • من حيث القدرة الحاسوبية، يُقال غالبًا إن أداء الدماغ يمكن مقارنته بـ supercomputer بقوة 1 exaflop (1 exaflop = 1 كوينتيليون عملية حسابية في الثانية).
  • يمتلك الدماغ نظام معالجة فعال وديناميكي يسمح له بـ "التعلم" والتكيف، وهو ما يزال تحديًا كبيرًا بالنسبة للذكاء الاصطناعي، خاصة فيما يتعلق بالتطور الذاتي والتعميم.

2. الذاكرة العشوائية: الذاكرة وتخزين البيانات

يمكن اعتبار الذاكرة العشوائية للدماغ على أنها ذاكرته العاملة، التي تخزن وتتعامل مع المعلومات بشكل مؤقت. الذاكرة العاملة البشرية محدودة من حيث الحجم والمدة، لكنها فعالة للغاية. على سبيل المثال، يمكن للدماغ التعامل مع حوالي 7 إلى 9 قطع من المعلومات في وقت واحد في ذاكرته قصيرة المدى.

رغم صعوبة مقارنة ذلك مباشرة مع ذاكرة الحاسوب العشوائية، تشير التقديرات إلى أن قدرة ذاكرة الدماغ البشري تبلغ حوالي 2.5 بيتابايت (1 بيتابايت = 1 مليون جيجابايت). بالمقابل، تحتوي الحواسيب الحديثة عادةً على ذاكرة عشوائية أقل بكثير، رغم أنه يمكن توسيع التخزين بشكل كبير. ومع ذلك، فإن كفاءة نظام الذاكرة في الدماغ تفوق بشكل كبير من حيث السرعة والمرونة.

مقارنة بين الدماغ البشري وأقوى الحواسيب في العالم

أدت السباقات لبناء أقوى supercomputers إلى إنشاء أنظمة قادرة على إجراء عدد هائل من العمليات الحسابية في الثانية. الحواسيب الأكبر والأسرع اليوم تصل إلى سرعات معالجة مذهلة. دعونا نلقي نظرة على المقارنة بين الدماغ البشري وأقوى الحواسيب في العالم.

أبرز supercomputers في العالم

  • Fugaku (اليابان): حاليًا هو أقوى supercomputer في العالم، ويمكن لـ Fugaku تحقيق أداء ذروة قدره 442 petaflops (أي 442 كوادريليون عملية حسابية في الثانية). يستخدم معالجات ARM المتطورة ويمكنه إجراء مجموعة متنوعة من المحاكاة والعمليات الحسابية بسرعة مذهلة.
  • Summit (الولايات المتحدة الأمريكية): يقع Summit في مختبر أوك ريدج الوطني، ولديه قدرة أداء قدرها 200 petaflops. كان أسرع حاسوب في العالم لعدة سنوات قبل أن يتجاوزه Fugaku.
  • Sunway TaihuLight (الصين): هذا supercomputer قادر على 125 petaflops وقد كان لاعبًا رئيسيًا في المحاكاة العلمية وتحليل البيانات.

المقارنة: على الرغم من أن Fugaku هو أسرع supercomputer على الأرض، إلا أنه لا يزال بعيدًا عن معادلة القدرة المعالجة المقدرة للدماغ البشري. يعمل الدماغ عند حوالي 1 exaflop، مما يجعله أكثر قوة بـ 2.25 مرة مقارنة بـ Fugaku. ببساطة، يعتبر الدماغ البشري حوالي 2 إلى 3 مرات أكثر قوة من أقوى الحواسيب في العالم من حيث القدرة الحوسبية.

قدرة الدماغ وكفاءته في استهلاك الطاقة مقارنة بالحواسيب

أحد الجوانب الأكثر إثارة للإعجاب في الدماغ البشري هو كفاءته في استهلاك الطاقة. يستهلك الدماغ حوالي 20 وات من الطاقة، وهي جزء صغير مما تتطلبه أقوى الحواسيب. على سبيل المثال، يستهلك Fugaku أكثر من 28 ميغاواط من الطاقة، وهو ما يعادل تقريبًا 1.4 مليون مرة أكثر من الدماغ البشري. وهذا يجعل الدماغ مثالًا رائعًا لمعالجة فعالة من حيث الطاقة.

متى ستواكب الذكاء الاصطناعي دماغ الإنسان؟

على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يواصل التطور بسرعة، إلا أنه لا يزال من غير المؤكد متى سيتساوى تمامًا مع القدرات الكاملة للدماغ البشري. يقدر الباحثون أن الذكاء الاصطناعي قد يحقق الذكاء البشري في العقود القادمة، ولكن من الصعب تحديد موعد دقيق لذلك.

  • وفقًا لبعض الخبراء، قد يصل الذكاء الاصطناعي إلى مستوى الذكاء البشري بحلول عام 2050، رغم أن الطريق لتحقيق ذلك لا يزال غير واضح.
  • لكي يقارن الذكاء الاصطناعي بالدماغ البشري من حيث القدرة الحوسبية، يجب أن يحقق أداء 1 exaflop عبر مجموعة واسعة من المهام المعرفية، وليس مجرد تطبيقات محددة.
  • علاوة على ذلك، سيتعين على الذكاء الاصطناعي العمل بكفاءة مشابهة في استهلاك الطاقة مثل الدماغ، الذي يستهلك حاليًا فقط 20 وات لجميع قدراته الحوسبية.

مع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، سيكون من المثير مراقبة مدى قربه من محاكاة تعقيد ومرونة الدماغ البشري. في الوقت الحالي، بينما حقق الذكاء الاصطناعي تقدمًا ملحوظًا في مجالات معينة، يظل الدماغ البشري مقياسًا لم تواكبه التكنولوجيا بعد.